سورة النجم - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النجم)


        


{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)}
{إِنْ هِىَ} الضمير للأصنام أي ما الأصنام باعتبار الألوهية التي تدعونها {إِلاَّ أَسْمَاء} محضة ليس فيها شيء مّا أصلًا من معنى الألوهية؛ وقوله تعالى: {سَمَّيْتُمُوهَا} صفة للأسماء وضميرها لها لا للأصنام، والمعنى جعلتموها أسماء فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله اسمًا للمسمى وإن قيست إلى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير هاهنا المعنى الأول من غير تعرض للمسمى لتحقيق أن تلك الأصنام التي يسمونها آلهة أسماء مجردة ليس لها مسميات قطعًا كما في قوله سبحانه: {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء} [يوسف: 40] الآية لا أن هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية، وقيل: هي للأسماء الثلاثة المذكورة حيث كانوا يطلقونها على تلك الأصنام لاعتقادهم أنها تستحق العكوف على عبادتها والأعزاز والتقرب إليها بالقرابين، وتعقب بأنه لو سلم دلالة الأسماء المذكورة على ثبوت تلك المعاني الخاصة للأصنام فليس في سلبها عنها مزيد فائدة بل إنما هي في سلب الألوهية عنها كما هو زعمهم المشهور في حق جميع الأصنام على وجه برهاني فإن انتفاء الوصف بطريق الأولوية أي ما هي شيء من الأشياء إلا أسماء خالية عن المسميات وضعتموها {أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ} قتضى الأهواء الباطلة {مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان} برهان يتعلقون به {إِن يَتَّبِعُونَ} أي ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بها {إِلاَّ الظن} إلا توهم أن ما هم عليه حق توهمًا باطلًا، فالظن هنا مراد به التوهم وشاع استعماله فيه، ويفهم من كلام الراغب أن التوهم من أفراد الظن {وَمَا تَهْوَى الانفس} أي والذي تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء على أن {مَا} موصولة وعائدها مقدر وأل في الأنفس للعهد، أو عوض عن المضاف إليه، وجوز كون {مَا} مصدرية وكذا جوز كون أل للجنس والنفس من حيث هي إنما تهوى غير الأفضل لأنها مجبولة على حب الملاذ وإنما يسوقها إلى حسن العاقبة العقل، والالتفات في {يَتَّبِعُونَ} إلى الغيبة للإيذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الإعراض عنهم، وحكاية جناياتهم لغيرهم، وقرأ ابن عباس. وابن مسعود. وابن وثاب. وطلحة. والأعمش وعيسى بن عمر تتبعون بتاء الخطاب {وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ الهدى} حال من ضمير.


{أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)}
{يَتَّبِعُونَ} مقررة لبطلان ما هم عليه من اتباع الظن والهوى، والمراد بالهدى الرسول صلى الله عليه وسلم أو القرآن العظيم على أنه عنى الهادي أو جعله هدى مبالغة أي ما يتبعون إلا ذلك، والحال لقد جاءهم من ربهم جل شأنه ما ينبغي لهم معه تركه واتباع سبيل الحق.
وحاصله {يَتَّبِعُونَ} ذلك في حال ينافيه، وجوز أن تكون الجملة معترضة وهي أيضًا مؤكدة لبطلان ذلك {أَمْ للإنسان مَا تمنى} {أَمْ} منقطعة مقدرة ببل وهي للانتقال من بيان أن ما هم عليه غير مستند إلا إلى توهمهم وهوى أنفسهم إلى بيان أن ذلك مما لا يجدي نفعًا أصلًا؛ والهمزة وهي للإنكار والنفي أي بل ليس للإنسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه، ومفاده قيل: رفع الإيجاب الكلي ومرجعه إلى سالبة جزئية، وإليه يشير قول بعضهم: المراد نفي أن يكون للكفرة ما كانوا يطمعون فيه من شفاعة الآلهة والظفر بالحسنى عند الله تعالى يوم القيامة وما كانوا يشتهونه من نزول القرآن على رجل من إحدى القريتين عظيم ونحو ذلك، ويفهم من كلام بعض المحققين أن المراد السلب الكلي، والمعنى لا شيء مما يتمناه الإنسان مملوكًا له مختصًا به يتصرف فيه حسب إرادته ويتضمن ذلك نفي أن يكون للكفرة ما ذكر وليس الإنسان خاصًا بهم كما قيل، وقوله تعالى:


{فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25)}
{فَلِلَّهِ الاخرة والاولى} تعليل لانتفاء ذلك فإن اختصاص ملك أمور الآخرة والأولى جميعًا به تعالى مقتض لانتفاء أن يكون للإنسان أمر من الأمور بل ما شاء الله تعالى له كان وما لم يشأ لم يكن، وقدمت الآخرة اهتمامًا برد ما هو أهمّ أطماعهم عندهم من الفوز فيها، ولذا أردف ذلك بقوله تعالى:

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11